موضوع: ))) النزلة الوافدة ((( الثلاثاء يناير 25, 2011 2:01 am
اهلا بكم في منتدى التغذية و الصحة
النزلة الوافدة
النزلة الوافدة أو الكريبgrippe أو الأنفلونزا influenza خمج ڤيروسي حاد شديد العدوى، يحدث على هيئة جائحات pandémies أو أوبئة épidémies، وقد يتوضع في بلد واحد أو ينتشر في مناطق كثيرة من العالم، وربما ظهر بحالات فرادية.
حدث في عدة جائحات ابتداء من عام 1889، ثم تتالت في أعوام 1918 فسببت وفاة أكثر من 20 مليون إنسان في أوربا وحدها، وقُدِّر المصابون بنحو مليار مريض في العالم، وأُطلق عليها يومئذٍ اسم النزلة الوافدة الإسبانية. ثم جائحة في عام 1957 وقُدّر عدد المتوفين بسببها بنحو 4 ملايين إنسان منهم 98.000 في الولايات المتحدة وحدها، وسميت النزلة الوافدة الآسيوية. ثم حدثت جائحة عام 1968 قضت على مليوني شخص منهم 18000 في فرنسا وحدها، ووصفت بأنها النزلة الوافدة لهونغ كونغ. وفي الولايات المتحدة أُبلغ عن حدوث 10.000 وفاة زائدة في كل وافدة فصلية لسبع وافدات من إحدى عشرة وافدة فصلية وقعت بين عامي 1977ـ 1988. وعصف في آسيا عام 2004 نوع من النزلة الوافدة الشديدة الفتك بالطيور، أصابت العدوى بها 400 مليون إنسان في اليابان وتايلند وڤييتنام أدت إلى وفاة أكثر من 30 شخصاً منهم، وأُطلق عليها H5N1.
يُصاب في أثناء الأوبئة والوافدات نحو 10 إلى 20% من السكان في المجتمعات الكبيرة وترتفع هذه النسبة لتصل إلى 50% في التجمعات المحصورة كالمدارس والثكنات والمساكن الفقيرة المتقاربة، وأول ما يصاب بها الأطفال غير الملقحين والشيوخ.
تحدث معظم الأوبئة في المناطق المعتدلة في فصل الشتاء، في حين تظهر في المناطق المدارية في موسم الأمطار، أما الحالات الفرادية فتشاهد على مدار السنة كلها.
العامل الڤيروسي
يطلق عليه اسم ڤيروس الأنفلونزا influenza virus حمضه الريبي النووي ribonucleic acid من نوع الرنا RNA، يبلغ قطر الجسيم الڤيروسي (ڤريونه) virion نحو 200 نانومتر (أي 0.0002 سنتيمتر)، وهناك ثلاثة أنماط (أو مجموعات) من ڤيروس النزلة الوافدة يرمز إليها بالأحرف اللاتينية A وB وC، والنمط C هو ثابت التركيب إجمالاً في حين أن النمطين A وB يتغيران. ارتبط النمط A بجائحات وأوبئة كبيرة، والنمط B بأوبئة محددة الانتشار. ولم يظهر النمط C حتى اليوم إلا في حالات فرادية أو فاشيات outbreak صغيرة.
تم تعيين نمط ڤيروس النزلة الوافدة استناداً إلى خواص مستضدين بروتينين بنيويين ثابتين هما: البروتين النووي nucleoprotein، وبروتين المطرس matrix protein. وتعود التغيرات التي تطرأ على النمطين A و B إلى آليتين تسمى الأولى منهما الانزلاق المستضدي وهي طفرات جينات تؤثر في البروتينات السطحية فتسبب تغيرات طفيفة في الڤيروس. لكن تراكم هذه التغيرات يؤدي إلى عدم إفادة المريض من لقاح صُنع من ذرية سابقة مما يدفع إلى تغيير ذرية اللقاح. والتغيرات المتتالية هذه تفسر ظهور معظم الوافدات المتوسطة الشدة.
ولكن بالنسبة إلى الڤيروس من نمط A هناك آلية أخرى تسبب تغيراً في تركيب الڤيروس وهي أشد خطراً من الآلية الأولى، إذ تُحدث تغيرات في البروتينات المستضدية فيحل بروتين جديد مكان آخر مما يؤدي إلى ظهور ڤيروس يختلف تمام الاختلاف عن الأول. يُضاف إلى هاتين الآليتين إمكانية انبثاق جديد لڤيروس قديم. فهناك مثلاً نمط اختفى عام 1957 وعاد إلى الظهور عام 1977 فسبَّب وباء يُطلق عليه وباء النزلة الوافدة الروسية.
وتُصنَّف نميطات subtypes النمط A استناداً إلى صفات الراصّات الدموية H التي تثبت الڤيروس على المستقبلات الخلوية، كما تصنف بالنسبة إلى مستضدات النورأمينيداز N neuraminidase التي تفصل الجسيمات الڤيروسية virions الجديدة عن الغشاء الخلوي بعد تنسخ الڤيروس. فالبيئة المستضدية لڤيروس النزلة الوافدة تتغير من حقبة إلى أخرى ومن وباء إلى وباء ثانٍ، وهذه الخاصة هي التي تسبب صعوبات الوقاية باللقاح. يشتمل النمط A على ثلاثة نميطات هي H1N1 و H2N2 و H3N2.
إن أكثر الذراري شيوعاً هي H3N2 و H1N1، ومنذ نحو ربع قرن أصبحت ڤيروسات النزلة الوافدة المنتشرة من متغيرات ڤيروس هونغ كونغ الذي سبب جائحة 1968.
يدخل الڤيروس الجهاز التنفسي للإنسان عن طريق القطيرات المحمولة بالهواء، ويلتصق بمستقبلات في الخلايا الإبتليالية. وبعد يوم إلى ثلاثة أيام من حدوث الخمج تسبب السيتوكينات المنطلقة من الخلايا المصابة ومن الكريات البيض المتسللة أعراضاً كالدعث malaise والحمى والنوافض chills والآلام العضلية مع أعراض تنفسية كالسعال وسيلان الأنف، ومع كل هذا فإن الڤيروس لا يسبب ڤيروسمية viremia (انتقال الڤيروس إلى الدم).
إن سبب الأعراض الأولية هي الأذيات التي يسببها الڤيروس والاستجابات الالتهابية، وهذه كافية لإحداث التهاب قصبات وذات رئة خلالية. كما أن إصابة ابتليوم (ظهارة) الخلايا التنفسية يتيح الاستيلاء الجرثومي ولاسيما جراثيم مستدميات النزلة الوافدة hemophilus influenza والعنقوديات والرئويات.
تسبب إصابة الخلايا الإبتليالية للغشاء المخاطي التنفسي تفاعلاً التهابياً تحت هذا الغشاء مع وذمة خلالية وتدفق البلاعم macrophages. وتؤدي إصابة الڤيروسات خلايا الأسناخ إلى توسفها ومن ثمّ ظهور نتحة دموية. وتشكل بروتينات النتحة غشاءً يعوق المبادلات الغازية. وتفسر هذه الآلية القصور التنفسي الذي تحدثه الأشكال الرئوية الشديدة والخبيثة للنزلة الوافدة.
تصيب ڤيروسات النزلة الوافدة الأفراد في جميع الأعمار، والمناعة التي يكتسبها المريض بعد شفائه قصيرة الأمد حتى بالنسبة إلى الذرية التي أُصيب بها.
الأعراض السريرية
إن أعراض الشكل المألوف للنزلة الوافدة هي ذاتها في معظم الحالات. فبعد دور حضانة يمتد من يومين إلى خمسة أيام تظهر الأعراض على نحو فجائي وتتسم بثلاث متلازمات تترافق دوماً بعضها مع بعض وهي: متلازمة خمجية وأخرى ألمية وثالثة تنفسية. ترتفع الحرارة لتصل إلى درجة 39 أو 40 سلسيوس، ويكون المريض تعباً منهكاً يشكو من عرواءات وآلام شديدة ومنتشرة تتصف بصداع وآلام عضلية ومفصلية وقطنية. وتترافق الإصابة بظهور نزلات بالطرق التنفسية العلوية مع احتقان ملتحمة العين وألم في البلعوم تصاحبه عسرة في البلع مع بحة في الصوت أحياناً. والسعال علامة ثابتة في الإصابات كلها يدل على تأذي القصبات.
تسير الإصابة تلقائياً نحو الشفاء بعد 3 إلى 5 أيام، ولكن السعال والوهن يستمران مدة أطول.
تحدث الأخماج الجرثومية الإضافية superinfection عند الشيوخ والمصابين بقصور تنفسي مزمن، وأكثرها شيوعاً مستدميات النزلة الوافدة والرئويات والعنقوديات. وتتصف هذه الإصابات الجرثومية ببقاء الحرارة مرتفعة وبزيادة عدد الكريات البيض كثيرات النوى وبقشع قيحي واشتداد الأعراض التنفسية. كما أن ظهور أخماج إضافية في الطرق التنفسية العليا قد يسبب التهاب الأذن والجيوب. وتحدث في أحوال نادرة مضاعفات خارج الطرق التنفسية كالتهاب التامورpericarditis، والتهاب عضلة القلب أو السحايا أو جذور الأعصاب radiculoneuritis. تهيئ بعض الآفات كالقصور التنفسي المزمن وإصابة دسامات القلب لظهور حالة تنفسية خطرة تؤدي إلى النزلة الوافدة الخبيثة. ولكن قد تحدث هذه مباشرة في صغار السن، وتتصف بقصور تنفسي حاد يتسم بنزلة وزراق cyanosis الأطراف، واضطرابات قلبية وعائية منها وهط القلب الأيمن مع قصور كلوي ثابت في مثل هذه الحالات.
المعالجة
لا توجد حالياً مداواة ذات جدوى كاملة لمعالجة خمج النزلة الوافدة، ومع هذا لا داعي لاتباع مداواة خاصة للأفراد الذين يتمتعون ببنية صحيحة إذ يكفي تطبيق بعض الأمور الأساسية كالراحة التامة وتناول كميات كبيرة من السوائل مع خافضات للحرارة، والصادات الملائمة إن حدث خمج جرثومي إضافي. وهناك بعض مضادات الڤيروسات التي تُعطى في بعض الحالات الخاصة جداً.
تثبت الأدوية المضادة للڤيروسات على جزء من مركبات الڤيروس التي لا تلحق بها أي تعديل أو تغيير. فهذه الأدوية تعمل على حصر النورأمينيداز وهو إنزيم لابد منه لتحرير الڤيروس، لذا حين إعطاء مثل هذه المواد يبقى الڤيروس حبيس الخلايا المضيفة، مما يحد من الخمج.
كما أن هذه المركبات الدوائية تخفف أعراض المرض ومدة بقائه إلى درجة أنه لا يستمر أكثر من 36 إلى 60 ساعة، وينجم عن ذلك كله نقصان المضاعفات الشديدة المسؤولة عن معظم حالات الوفيات، ومن هذه الأدوية الأمانتدين amantadine والريمانتدين rimantadine ويلجأ إليهما أحياناً للأفراد الذين لا يستطيعون تناول لقاح النزلة الوافدة الواقي، ولكن الآثار الجانبية والكلفة العالية لهذين الدوائين لا تسمحان بالاستعمال اليومي، ويعطيان ضد النزلة الوافدة A، وهما يخففان من شدة الخمج إذا عولج بهما المريض في اليومين الأولين من الإصابة، أو وقائياً لذوي الخطورة العالية. ويترافق الأمانتدين بآثار جانبية في الجملة العصبية المركزية ولاسيما في المسنين والمصابين بآفة كلوية.
وهناك الزناميڤير zanamivir ويعطى استنشاقاً وهو مضاد لڤيروسات النزلة الوافدة A وB، فهو يثبط أيضاً الإنزيم الموجود على سطح الڤيروس أي النورأمينيداز الضروري لانتشار الڤيروس. وهناك علاج قيد التجارب السريرية أُعطي الرمز G S 4104.
اللقاح
يتألف اللقاح المضاد للنزلة الوافدة من جزيئات ڤيروسية معطلة. ويختلف تركيب هذا اللقاح من عام إلى آخر تبعاً للدراسات الوبائية أي مسايراً للذراري الجديدة. يُعطي اللقاح زرقاً داخل الأدمة ويجدد كل عام. تظهر المناعة بعد 10 إلى 15يوماً من أخذه ولا يلقح به المتحسسون للبيض.
يُعطى هذا اللقاح لمن تجاوزوا الخامسة والستين من عمرهم، وللمصابين بعوز مناعي، ومن يعانون مرضاً مزمناً، كما يعطى لمن يعملون من الأفراد المعرضين للخطر كالأطباء والممرضات، وللمصابين بآفات قلبية أو رئوية مزمنة.
وتُجرى حالياً تجارب للقاح يُعطى عن طريق الأنف ويعتقد أن تأثيره سيكون أشد، كما تُجرى تجارب أخرى لتحضير لقاح يُعطى عن طريق الفم.