أعمال القلوب
كتبه/ سعيد محمود
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
أهمية أعمال القلوب:
أعمال القلوب اهتم بها العلماء، فصنفوا فيها المؤلفات، وابتدؤوا أعمالهم بالتذكير والحث عليها، فأعمال القلوب تحتاج إلى مجاهدة وعناية، وبما أن النجاة مدارها على أعمال القلوب، بالإضافة إلى أعمال الجوارح التي لابد أن تأتي إذا صحت أعمال القلوب، فلابد من التعرف على هذه الأعمال.
ومن أعظم أعمال القلوب وأهمها: "الإخلاص": فهو أولها وأعلاها وأساسها؛ هو حقيقة الدين ومفتاح دعوة الرسل، قال -تعالى-: (وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) (البينة:5).
والإخلاص: هو أساس قبول الأعمال وردها، فهو الذي يؤدي إلى الفوز أو الخسران، فإن تحقيقه يؤدي إلى الفوز والنجاة، والإخلال به يؤدي إلى النار والهلاك.
معنى الإخلاص: مِن خلص خلوصًا، أي: صفي وزال عنه شوبه، وقد تنوعت عبارات السلف فيه، ومنها:
1ـ أن يكون العمل لله -تعالى-، لا نصيب لغير الله فيه.
2ـ تصفية العمل عن ملاحظة المخلوقين.
3ـ نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق.
4ـ استواء عمل الظاهر والباطن.
5ـ ألا تطلب على عملك شاهدًا إلا الله، وإذا داوم عليه الإنسان رزقه الله الحكمة.
من أقوال السلف حول الإخلاص:
ـ سئل سهل بن عبد الله: "أي شيء أشد على النفس؟ قال: الإخلاص؛ لأنه ليس لها فيه نصيب، فمع الإخلاص تنسى حظوظ النفس".
ـ وقال يوسف بن أسباط: "تخليص النية من فسادها أشد على العاملين من طول الاجتهاد".
ـ وقال يوسف بن الحسين: "كم أجتهدُ في إسقاط الرياء من قلبي، فينبت لي على لون آخر".
واعلم أخي -رحمني الله وإياك- أن للإخلاص علامات، منها:
1ـ الحماس للعمل لدين الله.
2ـ أن يكون عمل السر أكثر من عمل العلانية.
3ـ المبادرة للعمل واحتساب الأجر.
4ـ الصبر على إخفاء العمل.
5ـ الصبر والتحمل وعدم التشكي.
6ـ إتقان العمل في السر.
7ـ الإكثار من العمل في السر.
تنبيه: متى يكون إظهار العمل مشروعًا؟
قال ابن قدامة: "فصل في بيان الرخصة في قصد إظهار الطاعات.. وقال: وفي الإظهار فائدة الاقتداء، ومن الأعمال ما لا يمكن الإسرار به: كالحج، والجهاد، والمظهِر للعمل ينبغي أن يراقب قلبه حتى لا يكون فيه حب الرياء الخفي، ولا ينبغي للضعيف أن يخدع نفسه بذلك، ومثل الذي يظهره وهو ضعيف كمثل إنسان سباحته ضعيفة فنظر إلى جماعة من الغرقى فرحمهن فأقبل إليهم فتشبثوا به وغرقوا جميعًا".
فيا أخي.. اجتهد أن يكون عملك خالصًا لله -تعالى-.
نسأل الله الإخلاص في القول والعمل.